إشراقة
الوفاء
والجفاء
أن يكون الإنسانُ جَافِيًا غير وفيّ يشقّ على كل من يُجَرِّبُه ويتعامل معه، ويُمْنَىٰ أن يراجعه في شأن من شؤون الحياة، التي تتنوّع تَنَوُّعَ مراحلها – الحياة – وتكثر كثرةَ انعطافاتها؛ ولكنّ كون الإنسان، الذي يَتَوَقَّع منه أن يكون وفيّا صفيًّا صادقَ الولاء، جافيًا غير وفيّ، أشدّ على المرء من وقع الحسام المُهَنَّد.
أنت
لا تتوقّع
خيرًا ممن لا
تربطك به
علاقةٌ، فضلاً
عن أن تتوقّعه
من عدوّك، أو
ممّن
يَحْسُدك أو
يُبْغِضك، أو
يكرهك أو
يُنَافِسك
سلبيًّا، ويحاول
أن ينتصر عليك
في مجال من
مجالات تَخَصُّصِك،
ويسعى أن
يفوقك في كلٍّ
من حسنات الدنيا
والآخرة؛
ولكنّك
تتوقّع كلَّ
الخير من كلِّ
من تتعلّق به
ويتعلّق بك
بآصرة من
القرابة
القريبة،
والعلاقة
الوشيجة،
والحبِّ الذي
صَافَيْتَه
له، والعلاقة
التي
خَلَّصْتَها
معه. وعلى قدر
مصافاتك
إيّاه ترجو
منه أن يكون
مُجازِيًا لك
بالمثل،
يُعْطِيك
مثلَ ما يأخذه
منك، من حصائد
الحبّ،
ومُعْطَيَات
المصافاة،
التي
شَهِدَها منك
وتمَتَّعَ
بها على مدى فُرَصِ
الأيّام
الطويلة التي
عِشْتَها معه،
في مدارج
الطفولة
البريئة، أو
ملاهي الشباب
الهادفة، أو
أمكنة العمل
أو المهنة أو
الوظيفة أو
موقع ذكرى
خالدة من
مواقع
الذكريات في حياتك،
أو في
الكتاتيب أو
المدارس أو
جامعات التعليم،
التي
جَمَعَتْك
وإيّاه في
السكن والفصول
الدراسيّة،
والملاعب
الرياضيّة،
وخلوات
المذاكرة
والمراجعة،
ومجالس
الأساتذة والمربين،
وحفلات
التوجيه
والتوعية،
وتجمّعات
التمرين
والتدريب،
والمزارع
والحقول، والشوارع
والطرق،
والجداول
والأنهار،
وبساتين
الثمار
والأشجار،
التي تنزهتَ
فيها معه.
فإذا
وجدتَه على ما
رجوتَه منه،
طَابَتْ به
نفسُك،
وقَرَّتْ به
عينُك،
وثَلَجَ به
صدرُك، وفاض
لسانُك بالدعاء
له؛ بل كلُّ
شعرة في جسمك،
وتَـمَنَّىْتَ
على الله عز
وجلّ أن يطيل
عمرَه بكامل
الصحّة،
وبدوام
التوفيق،
وبموفور
العافية، على
هذه الصفات
النبيلة
العزيزة
الغالية، التي
جَرَّبْتَها
فيه، منذ أن
تَعَرَّفْتَ
عليه واتَّصلتَ
به.
الإنسانُ
الذي
يُخَالِطُه
الإنسانُ
طويلاً في
مجال من
مجالات
الحياة في جوّ
من العفويّة
واللّاتصنّع
والتجانس في
كثير من
الأفكار والعواطف
إلى حدّ بعيد،
يتعاطاها معه
ويتبادلها،
ويتناقشها
ويتباحث
حولها، ويكاد
كلٌّ منهما
يطلع على ما
في داخله من
خواطر وسرائر،
وعواطف
ومشاعر، حتى
يصير كلٌّ
منهما جزءًا
من كلّ منهما،
فيصير كأنه
شقيقه أو أكثر
من الشقيق
لشقيقه في
الاتّحادِ
والتناغم في
مكنونات
الصدر،
ومخزونات
العقل، وهموم
القلب، يتوقع
منه عن حقٍّ
أن ينزل على
مستوى مُقْتَضَىٰ
هذه المخالطة
الصافيه.
ولاسيّما إذا
تَأَتَّتِ
المخالطةُ
والمُعَايَشَةُ
في مراحل النشوء
والتكوّن
التي تكون
ألواحُ قلوب
الإنسان فيها
صافيةً لم
تخطَّ عليها
أيدي الزمان خطوطاً
مُعَقَّدَة
عرجاء
تُلَوِّث
صفوها، فيكبر
على هذه
الحالة
المحمودة
المطلوبة الضامنة
كلَّ خير
لأبناء
المجتمع
البشريّ. إن
هذه المخالطة
تقتضي أن يبقى
الصفوُ
دائمًا ويَظَلَّ
الحبُّ
الشفّاف
قائمًا على
حالته يُؤْتِي
أكلَه من
التلاحم
والتعاون،
والتكاتف والتعانق،
والوفاء وصدق
الولاء، وحبّ
الخير لأخيه
والسعي
لتحقيق ما
يعتريه من
الحاجات، والتمنّى
له أن لايعترض
سبيلَه في
الحياة أيَّ
عائق، والاطّلاع
المتصل على
أحواله
بوسيلة من الوسائل
التي تطورت
وتنوعت
وتكاثرت
اليوم.
ولكن
الذي يحدث هو
عكسُ ذلك، لأن
المرأَ في الأغلب
المُطَّرِد
لايبقى لأخيه
الذي عاش معه زمنًا
ليس بقصير،
على ذلك الصفو
الذي كان قد عاشه
معه، ولَذَّه
وتمتّع به،
واحتضن قلبُه
منه ذكرىً
حلوةً قد تكون
أشهى من ألذِّ
الأشياء في
هذا الكون
الواسع. وذلك
لأسباب يطول
ذكرُها،
ويُمِلُّ
الإنسانَ
سمعُها، منها
أنّ الإنسان
يمتاز عن غيره
من الحيوانات
بأشياء، من بينها
شدةُ التأثّر
والتأثير
التي تجعله
يهتمّ من
الأمور التي
تعرض له في
سبيل الحياة،
فتشغله عمّا
سَبَقَ له من
الحبّ
للأصدقاء
والزملاء
والمعارف
والإخوان
الذين
صَافَوْه،
والعمل
بمقتضاه –
الحبّ –
الذي سَبَقَ
أن أشرنا إليه
في السطور
الماضية؛
وبالتالي
لايبقى على
الودّ القديم
أو يُضْطَرّ
أن لايتعامل
بمقتضاه كما
كان يتعامل به
في الفُرَصِ
السابقة التي
لم يَعْهَدْ
فيها تلك
الأمورَ التي
أَهَمَّتْه
اليوم
وشَغَلَتْه
عن غيرها من
كثير من الحقوق
والواجبات،
والمسؤوليّات
والمُتَطَلَّبَاتِ،
فتغيّرت «محبوباتُه»
وتَبَدَّلَت
هِوَايَاتُه،
وعاد لا
يَعْشَق
الماضيَ
كلَّه أو بعضَه
مثلَما كان
يَعْشَقُه من
ذي قبل عندما
كان لا عَهْدَ
له بتلك
الهموم التي
سيطرت عليه،
وتحكّمت فيه،
وأخذت
بتلابيبه
تميل به حيثما
مَالَتْ.
فمثلاً:
تَزَوَّج
وصار أبا
العِيَال،
فعاد الحرصُ
على تربيتهم
وتعليمهم
والاهتمام
بأداء حقوق
الزوجة
والأولاد
يَسترق فُرَصَه
كلَّها، وصار
يصعب عليه أن
يقتطع جزءًا منها
ولو في
فَتَرَات
متباعدة
للاهتمام بالإخوان
والخُلاَّن
الذين كانوا
هم هَمَّه من قبلُ.
ومثلاً
صار
مُوَظَّفاً
في
مُؤَسَّسَة
تعليميّة أو
تجاريّة أو...،
وكان من قبل
عاطلاً عن العمل
بأسره أو عن
العمل الرتيب
المنتظم الذي
قَيَّدَه
وكان من قبل
مُنْطَلِقًا،
فصارت
أوقاتُه
كلُّها
مُوَزَّعَة
بين العمل الرسميّ
والأنشطة
الشخصيَّة
اليوميّة
التي لابدّ له
من أدائها نحو
نفسه ونحو
عائلته.
ومثلاً:
شغلته همومُ
لقمة العيش،
ومن قبل كان لاهمَّ
له فيها؛
لأنّه كان
مثلاً مكفولَ
النفقات والمصروفات
من قِبَل
الوالد أو
وليٍّ من أولياء
الأمر، فكانت
الحياةُ عنده
هيِّنَة لَيِّنَة
لا مَرَارَة
فيها ولا
كَدَرَ،
تبتسم في وجهه
من كلِّ جانب،
فعادت
تَعْبَس
ويَتَقَطَّب
جبينُها،
فاضْطُرَّ أن
يُغَطِّيَ
مصروفاته
اليوميّة
بكدِّ اليمين
وعَرَقَ الجبين،
فلم تَبْقَ في
حياته سعةٌ
للتفكير في
حبِّ من كان يهواه،
وأحوال من كان
يُعايشُه في
ماضي الأيام
الحلوة، عند
ما كانت
شِعَابُ قلبه
فارغةً للإخوان
والخلاّن،
والمحبين
والأصدقاء،
وزملاء العمل –
أيّ عمل كان –
ولم
تَتَوَزَّعْها
همومُ
الحياةِ، أو
العِيَال أو
أم العيال، أو
الوظيفة أو
المهنة.
ومثلاً:
كان في
مُسْتَهلِّ
مِشْوَارِ
حياته الواعية
مخمولاً
مغمورًا لا
يعرف به إلاّ
الأقاربُ
والمعارف
وأهالي الحيّ
أو المدينة أو
القرية، ثم
سَاعَدَه
الحظُّ
وحَالَفَه الجدُّ؛
فعَسَّلَتْ
خَلِيَّةُ
مُؤَهِّلاَتِه
العلميّة
والفكريّة؛
فصار –
مثلاً –
داعيًا
كبيرًا، أو
خطيبًا
مُفَوَّهًا،
أو كاتبًا
ساحرًا، أو
مُؤَلِّفاً
بارعًا، أو شاعرًا
مطبوعاً، أو
قائدًا
اجتماعيًّا،
أو سياسيًّا
محنكاً، أو
زعيمًا
وطنيًّا، أو
مصلحاً
كبيرًا، أو
مُؤَسِّسًا
لمُؤَسَّسَة
تعليميّة أو
مركز تربويّ،
أو رجلَ
أعمالٍ، أو رجلَ
مالٍ كبير
رَبِحَت
تجارتُه،
ونفقت سوقُه،
وطَبَّقَ
صيتُه، وزادت
وجاهتُه،
وعَلَتْ مكانتُه.
ولهذا
أو ذاك صار
معروفًا
شرَّقَتْ
سمعتُه وغَرَّبَتْ،
وكثر
مُحِبُّوه
والمُعْجَبُون
به،
والمتحدثون
عنه
والمُصَفِّقُون
له، والمنادون
باسمه؛
فازْدَحَمَتْ
عليه الأشغالُ
في جانب،
والزوّار
والمراجعون
في جانب آخر،
وتَغَيَّرَ
هو عمّا كان
عليه، من
الإخلاص وصفاء
الودّ،
للإخوان
والزملاء
القدامى،
الذين يرجع
حبُّهم إلى
العهد الذي لم
تتوزع فيه قلبَه
هذه الأشغالُ
والهِوَاياتُ
كلُّها التي تَمَلَّكَتْ
عليه نفسه.
إنّه
قليلٌ من
الناس من لا
تُبْطِره
السَّرَّاءُ
ولا
تُدْهِشُه الضَّرَّاءُ،
ولا
تُزْعِجُه
همومُ
الحياة، ولا
تُرْبِكُه
تعقيداتُها،
التي لا ينتهي
أوّل منها
إلاّ إلى ثان
وثالث. وإنّه
شذّ من لا تُغَيِّر
شيمتَه
الأفراحُ ولا
تُخِلُّ بخلقه
الأتراحُ.
إنّه
الإنسانُ
المعجزةُ
الذي يحتفظ
بطبيعته
الإنسانية
الأصيلة
النبيلة
الصحيحة التي
كان قد فَطَره
الله عليها
بعد كلّ من
دواعي السرور
ولواعج الحزن.
ولكن
الجانب
السَّيِّء أن
لايعود
الإنسانُ بعدَ
أيٍّ من فعل
هذه العوامل
الإيجابيّة
والسلبيّة
مُسَيْطِرًا
على أعصابه،
مُتَحَكِّمًا
في نفسه؛ بل
يصبح سكرانَ
تُخَدِّرُه
نشوةُ الفرح
أو صدمةُ
الترح، فيتنكّر
لأحبّ
أحبّائه
وأعزّ خلاّنه
وزملائه،
مُتَسَتِّرًا
وراءَ لواذع
الشرّ وشواغل
الخير.. إنّه
لابدّ أن يبقى
مُعْطِيًا
كلَّ ذي حقٍّ
حقَّه،
قائمًا على
مستواه
الإنسانيّ،
باقيًا على
نصابه الخلقي
الذي إذا
فَقَدَه
المرأُ لا
يُعَدّ إلاّ
مُغْرِضاً
أنانيًّا
مُعْحَبًا
بنفسه وحدها،
لايفكر إلاّ
فيها، وفي مصالحها،
ويتنكر لكل ما
هو خارجَ
إطارِها.
حَدَثَانُ
الدّهر من
الخير أو
الشرّ وهموم الحياة
السلبية أو
الإيجابيّة،
إذا غَيَّرْتك،
وصَنَعَتْ
منك بهيمةً لا
تُفَرِّق بين
الخير والشرّ،
وحَوَّلَتْك
حيوانًا لا
يعي ولا يرشد
للصراط
المستقيم
الذي رَضِيَه
اللهُ
للإنسان،
الذي وُلِدَ
ليطيع
فيَحْظَىٰ
برضاه
وجَنَّته،
ويَعْصِي
فيستحقّ
سخطَه وناره. .
يحظى برضاه
إذا سَلَكَ
الصراطَ
المستقيمَ
ويستحق سخطَه
إذا لم يهتدِ
إليه فلم يَنْتَهِجْه.
إذا غَيَّرتْك
فمعنى ذلك أنك
لستَ إنسانًا
يتمتع بمعاني
المروءة
الثرَّة التي
إذا حازها
المرأ كان
إنساناً
بمعنى الكلمة.
من
هذا النوع
الحَيَوَانِيّ
الفاقد
لمُمَيِّزَات
الإنسانيّة
ومُقَوِّمَاتِها
الجوهريّة
الحقيقيّة،
وجدنا كثيرًا
من الناس؛ فقد
رأينا فيهم
الجفاءَ
وإخلافَ
الوفاء، وكنا
نحسب أنهم
يكونون أوفى
وفاءً، وأصدق
حبًّا
وإخلاصًا من
غيرهم؛ حيث إن
السرّاء
أَبْطَرَتْهم
لحدّ أنهم
فقدوا رشدهم،
وأُعْجِبُوا
بأنفسهم
وعكفوا على
تضخيم ذواتهم
وتفخيم
وجاهتهم
الصناعية
وتوسيع سمعتهم
الكاذبة؛ فلم
يعودوا
يذكرون ما
عليهم من حقوق
الأحبة
الخُلَّص،
والزملاء
الأوفياء،
والمعارف
الذين
يحتفظون
نحوهم بحبهم
القديم كالإرث
المُقَدَّسِ
والذكرى
الطيّبة التي
يَدَّخِرها
المرأ كرصيد
أغلى من أرصدة
الحياة. وإذا
ذَكَّرَهم
أحدٌ بهذه
الحقوق ولفت
انتباههم إلى
إعارة
اهتمامٍ بها،
لازموا
السكوت، أو قالوا
إنّ الشواغل
المُسْتَجِدَّة
والمسؤوليّات
المتزايدة لم
تدعهم
يُرَاجِعُون
الماضيَ، ويَنْبُشُون
ما قد يكون
لهم عليهم من
حقوق. إن الإخوان
الذين عاشهم
في الماضي،
صاروا مسبوقين
لهم في العمل
والنشاط الذي
ينفع الناسَ
فيَمْكُث في
الأرض؛ فلم
يعودوا شيئًا
يستحقّ منهم
اهتمامًا في
زحمة الأعمال
التي
اسْتَقْطَبَتْ
جميعَ ما
عندهم من رصيد
الاهتمام.
إنهم عادوا لايملكون
أنفسهم،
وبالتالي لا
يقدرون أن يُمْلُوا
عليها –
أنفسهم –
أمرًا من
عندهم.
أو
أنهم –
أي الذين
وجدناهم من
النوع
الحَيَوانيّ
الفاقد
لـمُمَيِّزَات
الإنسانيّة – قد
أَدْهَشَتْهم
الضرَّاءُ،
فعادوا
فاقدين السيطرةَ
على نفوسهم
التي
اهْتَزَّتْ
من الداخل، وتَحَطَّمَتْ
من الباطن،
فعادت
مغلوبةَ الأمر
تجاه قضايا
الحياة التي
طَغَتْ
عليها، وارتطمت
أمواجُها من
حولها،
فلديها
شَوَاغِل
داخلية أخذت
عليها مجامعَ
التفكير؛ فلم
يعودوا
يذكرون
المعارفَ
والخلاّنَ
وما لهم عليهم
من حقوق وواجبات
يجب عليهم
أدواؤُها
نحوهم.
إنّ
كلا النوعين
من دواعي
التغيّر، إذا
استجاب له
الإنسان كلَّ
الاستجابة،
فمعنى ذلك أنه
مَهْزُوزُ
الشخصيّة،
ضعيفُ
الإرادة، غيرُ
قادر على
الثبات على
الثوابت من
مُقَوِّمَات
الإنسانيّة.
الذي يتغيّر
لهذا الحدّ
بدافع الظروف
وقساوتها،
لايمكن أن
يقوم بكبير
عمل تحبذه
الشريعة
ويُسَجِّلُه
التاريخُ،
ويذكره
الناسُ لمدى
طويل في لذّة
وحلاوة،
ويدعو له
الصالحون من
أعماق قلوبهم.
الذي
في غمرة
الأحداث
يَنْسَىٰ
الحقوقَ التي
تعود عليه نحو
المعارف
المخلصين،
والأحباء
الصادقين،
والرفقاء
الذين تَوَطَّدَتْ
صلات الحبّ
بينه وبينهم
على مدى سنين
طويلة،
فاخْتَمَرَتْ
وأَيْنَعَتْ،
لايجوز أن
يُوثَقَ به
فيما يتعلّق
بالأمانات التي
أَكَّدَتِ
الشريعة على
أدائها
لأهلها، مهما
تَظَاهَرَ
أنه يعمل
بالدين
ولصالحه، وأن
مساعيه في
الحياة تتركز
عليه وترمي
إليه؛ لأن
المرأ لايكون
إنسانًا في
معنى الكلمة
المنشود فضلاً
عن أن يكون
مسلماً
مرضيًّا لدى
الربّ، إلاّ بالعمل
بما أمر به
الدينُ
والانتهاءِ
عما نهاه عنه.
وقد أمر
الدينُ
بالإحسان إلى
من أَحْسَنَ
إليه، وحُبِّ
من يحبّه،
وحفظِ
المعروف لمن
صَنَعَه معه.
إننا
نحن كنّا – لحدّ
علمنا – على رأس
من عرفناهم من
الإخوان
والزملاء وعامّة
المعارف،
بالنسبة إلى
الهموم
وشدائد الحياة
التي
قَرَصَتْنا
بأسنانها
اللاّذِعة المسمومة،
فظلنا
نَتَأَلَّم
من ذلك منذ
أول وَعْيِنا
بالحياة، حتى
يومنا هذا
الذي نخطّ فيه
هذه السطور،
والذي تتطرَق
فيه إليها
أذهانُنا
فتقشعرّ من
هولها
جلودُنا،
ورغم ذلك ظِلْنا
مع الإخوان
والمعارف على
عهد الحب
والوفاء الذي
قَطَعْناه
معهم عن طريق
أعمالنا وسلوكنا
المتبادل؛
فلا نزال
نحبهم بتلك
الشفّافيّة
التي
أحببناهم بها
في العهد الذي
كنا فيه غلماناً
أو في شرخ
الشباب، ولم
تنخفض قطّ
درجةُ حرارته،
بفضل الله
الذي يمنّ
بفضله على من
يشاء من
عباده، ولم
تُغَيِّرنا
عن وتيرتنا
صدماتُ
الحَدَثَانِ،
وضرباتُ
الأيّام
والليالي،
وقرصاتُ
العُسْر
واليُسْر،
وظروفُ الرجاء
والخوف.
إنّ
الاحتفاظ
بالحب
للأحباء
والمعارف القدامى
المخلصين،
دينٌ في عنق
المرء، لابدّ
أن يظلّ
يُسَدِّدُه
نحوهم، مادام
حيًّا يُرْزَق؛
لأن الحياة
البشرية ليست
إلاّ التعامل
بالتآلف،
والتبادل
والتحابب،
والتآخي والتقيد
بالمثل
الإنسانية
والمروءة
والرجولة؛
وإلاّ فلا
فرقَ بين
إنسان وبهيمة.
أبو
أسامة نور
nooralamamini@gmail.com
(تحريرًا
في الساعة 10 من
ضحى يوم
الاثنين:
20/جمادى
الأولى 1434هـ =
2/أبريل 2013م)
مجلة
الداعي
الشهرية
الصادرة عن
دار العلوم
ديوبند ،
شعبان 1434 هـ =
يونيو - يوليو
2013م ، العدد : 8 ،
السنة : 37